﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ
(22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ
(23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
(24)﴾ صدق الله العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، خالق السموات والأرضين، المنزه عن المشابهة للمخلوقين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، محمد طه الأمين، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد، يقول الله تعالى في محكم التنزيل {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206)} [سورة البقرة]. وقال رسول الله "إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة كل منافق عليم اللسان". رواه أحمد.
إن في هذه الآية الكريمة وفي هذا الحديث الشريف تنبيه لذوي الفهم والإعتبار، وتحذير لذوي العقول والأبصار من الحكم على الشخص بالصلاح والفلاح وأنه من أهل النجاح لمجرد فصاحته، أو لكثرة كلامه. فالعبرة ليست بكثرة البيان ولا بفصاحة اللسان وإنما العبرة بإصابة الحق. فينبغي لطالب الحق أن يتنبه لهذا الأمر ولا ينخدع بمن كان هذا حاله ولا سيما في هذا الزمن الذي كثر فيه المنتسبون للإسلام، الذين يدّعون العلم، وأنهم يدْعون إلى الصراط المستقيم وهم في الحقيقة دعاة إلى الإنضمام لأهل الجحيم.
ومن هؤلاء المنحرفين جماعة يقال لهم الوهابية، أقاموا مذهبهم على التشبيه والتجسيم، والتنقيص من قدر وجاه النبي الكريم . فزعموا أنهم للدين مقيمين وللبدعة قامعين، مستعينين في ذلك بالتمويه والتلبيس على ضعفاء العقول الجاهلين. فنسبوا لله المكان والحيز، ونسبوا له الجسم والأعضاء وجعلوه يشبه المخلوقين، زاعمين أن هذا ما كان عليه النبي وصحابته الكرام. وزادوا على ذلك بإنكارهم لجاه النبي فحرموا التوسل به وبغيره من الأنبياء والأولياء، وجعلوا ذلك كفرا وإشراكا. ومن مفاسدهم أيضا تحريمهم لإحداث أي أمر في الدين زاعمين أن البدعة لا تكون إلا سيئة. وهم يدّعون في كل ذلك أم هذا ما كان عليه السلف الصالح، والسلف الصالح بريء مما يدّعون.
فدفعاً لشبههم، وبياناً للحق، جمعنا لكم في هذه الصحيفة الكثير من الأدلة من كتب الأئمة الأعلام من السلف إلى أيامنا، والتي تبين كذب الوهابية وافتراءاتهم في انتسابهم لأهل السنة والجماعة. ولكي لا يُظن أننا ممن يدّعون على الناس بالباطل فقد قمنا بإرفاق صور من بعض ما ورد في كتب زعماء هذه الفرقة الضالة، مما يؤكد ما نسبناه إليهم. فالحمد لله الذي جعلنا على عقيدة سيد الأنام ، مقتفين آثار الصحابة الكرام والأئمة الأعلام الذين نصر الله بهم الإسلام.
نسأل الله أن يتقبل منا هذا العمل وأن يكرم كل من ساهم في إعداده بالثواب الجزيل، ونسأله أن يجعل فيه النفع العميم إنه على كل شىء قدير.